ولد بصعيد مصر فى دميرة عام 1349م ، قبل عصر النهضة العلمية فى أوروبا ، وكانت جامعة الأزهر قد أنشئت منذ قرون من أجل تحرير الفكر وإعلاء شأن العلم ، فالتحق بها ثم تخرج فيها أشتغل بالعلم .
وإنك لتجد كثيرا من مؤلفات أساتذة الأزهر ومصنفاتهم حتى تاريخ الحملة الفرنسية تتسم بالطابع العلمى ، ولكن عمل الأستعمار بعد ذلك على فصل الجانب العلمى التجريبى من الأزهر وإبعاده عنه .
تخصصه :-
الدميرى من أبرز علماء جامعة الأزهر القديمة الذين أرسوا دعائم علم الحياة ، وقد أولع بدراسة المخلوقات التى ابتدعتها قدرة الخالق عز وجل ، فتوفر على دراسة الحياة الحيوانية .
مؤلفاته :-
من أهم مؤلفاته كتاب ( حياة الحيوان الكبرى للدميرى ) ، وقد تحدث فيه عن النواحى العلمية المتعلقة بسلوك الحيوانات وتوالدها ، وخصالها ، كل ذلك بالإضافة إلى مجالات أخرى أدبية ولغوية ، شأنه فى ذلك شأن معظم كتاب وعلماء ذلك العصر ، ويعتبر كتاب الدميرى هذا مزيجا من العلم ، والأدب ، والتاريخ ، والفلسفة ، والحديث ، والقصص ، وقد ترجم إلى العديد من اللغات ، ويمكن اعتبار الكتاب بمثابة أول مرجع علمى شامل فى علم الحيوان ، ظهر فى القرن الرابع عشر الميلادى فى وقت لم تكن فيه علوم الحياة قد ظهرت بعد .
مدرستة :-
رتب الدميرى الحيوانات التى كتب عنها ترتيبا أبحديا على طريقة المعجم المعروفة ، وتناول بالبحث 1069 كائنا أو دابة ، جعل لكل كائن منها صفات تميزه عن غيره ، مما كان معروفا فى ذلك العهد ، وقد توسع فى شرح الصفات المشاهدة للحيوانات المشهورة لوفرة مايعرفه الناس عنها من المعلومات .
ومعنى ذلك أن الدميرى اتخذ نفس الأسلوب العلمى الحديث القائم على الرصد والمشاهدة ، على أوسع نطاق ممكن ، وهذا بخلاف مايدعيه بعضهم من أن العلماء العرب يركنون إلى الأوهام أحيانا ، من غير الأستناد إلى الرصد والقياس .
وبطبيعة الحال ، وتبعا لظروف ذلك العصر ، لم يقتصر الدميرى فى مجال الدراسات العلمية على مجرد تلك الأوصاف ، بل تعداها إلى دراسات لغوية تبين أسماء الحيوانات خلال مراحل نموها المختلفة ، وكذلك مايعرف من اسمائها فى مختلف بقاع بلاد العرب ، فمثلا البجع المعروف فى مصر يسمى فى بلاد العرب الحواصل ، والدجاجة عند اهل السودان هى الجدادة .
نبذات من كتابه :-
الأسد من السباع ، جمعه أسود ، والأنثى أسدة ، وله أسماء كثيرة من أشهرها التاج ، والسبع ، والصعب ، والضرغام ، والضيغم ، والغضنفر ، والليث ، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى .
قالوا والأسد من الصبر على الجوع وقلة الحاجة إلى الماء ما ليس لغيره من السباع ، ومن شرف نفسه أنه لايأكل من فريسة غيره ، فإذا شبع من فريسته تركها ولم يعد إليها ، وإذا جاع ساءت أخلاقه ، فإذا امتلاء من الطعام ارتاض ، ولايشرب من ماء ولغ فيه كلب ، وإذا أكل نهش من غير مضغ ، وريقه قليل جدا ولذلك يوصف بالبخر ، ويوصف بالشجاعة والجبن ، ومن جبنه أنه يفزع من صوت الديك .
ومن كلماته : قال الشافعى رضى الله عنه : العرب لم تأكل أسدا ، ولاذئبا ، ولاكلبا ، ولاغرابا ، ولادبا ، ولاكانت تأكل الفأر ، ولا العقارب ، ولا الحيات ، والحدأ ، ولا الغربان ، ولا الرمم ، ولا الصنور ، ولا الصوائد من الطير ، ولا الحشرات .
وكتب عن الأفعى يقول : وإذا قطع ذنبها عاد كما كان ، وإذا قلع نابها عاد بعد ثلاثة أيام ، وإذا ذبحت تبقى تتحرك ثلاث أيام ، وهى أعدى عدو للأنسان ، وحكى أنها نهشت ناقة فى مشفرها ولها فصيل يرضعها ، فمات الفصيل فى الحال قبل موت أمه ، إذا مرضت أكلت ورقة الزيتون فتشفى .
وقد قيل إن الأفعى صوتها من جلدها ، ومن الأمثلة قالوا : أظلم من أفعى ، وذلك لأنها لاتحفر جحرا ، وإنما تأتى إلى جحر قد احتفره غيرها فتدخل فيه ، قال الشاعر :
وأنت كالأفعى التى لاتحتفر ثم تجىء مبادرا فتحتجر
وكتب عن الأرنب يقول : الأرنب واحدة الأرانب ، وهو حيوان يشبه العناق ، قصير اليدين ، طويل الرجلين ، عكس الزرافة ، يطأ الأرض على مؤخرة قوائمه ، وهو اسم جنس على الذكر والأنثى ، وذكر الأرنب يقال له الخزز بالخاء المعجمة المضمومة ، ويقال للأنثى عكرشه ، والخرنق ولد الأرنب ، فهو خرنق أولا ، ثم سخلة ، ثم أرنب .
والأرنب تنام مفتوحة العين ، فربما جاءها القناص فوجدها كذلك فظنها مستيقظة ، ويحل أكل الأرنب عند العلماء كافة ، وحجتنا ماروى الجماعة عن أنس ابن مالك رضى الله عنه قال : ألفينا أرنبا بمر الزهران ، فسعى القوم عليها ، فأدركتها فأخذتها وأتيت بها أنا وطلحة فذبحتها .